مجمع “ناصر” نحو مصير مستشفى الشفاء.. وتحذيرات متصاعدة بشأن رفح

مجمع “ناصر” نحو مصير مستشفى الشفاء.. وتحذيرات متصاعدة بشأن رفح

يواجه مجمع ناصر الطبي، أكبر مستشفيات خان يونس في جنوب غزة، مصيراً مظلماً، شهدته قبله مستشفى الشفاء في شمال القطاع، بعد أن اقتحمت قوات إسرائيلية، الخميس، ساحات المجمع الطبي الخارجية، والتي تعج بمئات النازحين، وأمرت الطواقم الطبية والجرحى بالخروج.

واقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي، الخميس، مجمع ناصر الطبي، وحولته إلى ثكنة عسكرية، بعد هدم السور الجنوبي، والدخول منه وسط إطلاق نار كثيف، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.

وأضافت الوكالة أن “الاحتلال استهدف مقر الإسعاف وخيام النازحين، وجرف المقابر الجماعية داخل المجمع، الذي يشهد حصاراً مشدداً منذ 25 يوماً”.

وتابعت الوكالة الفلسطينية “أجبر الاحتلال ما تبقى من النازحين وعائلات الطواقم الطبية على النزوح القسري من مجمع ناصر الطبي فجر الخميس، تحت القصف والتهديد”.

وذكرت منظمة أطباء بلا حدود، الخميس، أن عدد الضحايا جراء الاقتحام الإسرائيلي لمجمع ناصر الطبي في خان يونس “غير معلوم”، مضيفة في منشورة على منصة “إكس”، “عقب القصف صباح الخميس، تحدث موظفونا عن حالة من الفوضى وأفادوا بسقوط وإصابة عدد غير محدد من الناس، اضطر طاقمنا الطبي للفرار من المستشفى تاركين المرضى”.

وأوضحت أن القوات الإسرائيلية أقامت نقطة تفتيش لفحص من يغادر المجمع، واحتجزت أحد العاملين بالمنظمة. وطالبت المنظمة القوات الإسرائيلية بـ”وقف الهجوم فوراً”.

وكان مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، أعلن فقدان الاتصال مع طواقم مجمع ناصر، معبراً عن قلقه إزاء ما يجري داخله.

وتحدَّث جيبريسوس عبر منصة “إكس”، عن تقارير بشأن تدمير منشآت تخزين الأجهزة والمستلزمات الطبية، قائلاً إن الوصول للمستشفى “ما زال متعذراً، إذ لا يوجد ممر آمن يمكن سلكه”.

وأضاف: “مستشفى ناصر هو عمود النظام الصحي في جنوب غزة ولا بد من حمايته، وينبغي السماح بوصول المساعدات الإنسانية، ويجب حماية المستشفيات حتى تتمكن من أداء مهمتها في إنقاذ الحياة”.

وعبَّرت منظمة أطباء بلا حدود، عن إدانتها الشديدة لأوامر إسرائيل بإجلاء آلاف النازحين من مجمع ناصر الطبي في خان يونس، وأشارت إلى أن طاقمها “لا يزال موجوداً في المجمع، ويواصل علاج المرضى في ظل ظروف شبه مستحيلة”.

وأضافت المنظمة في بيان، أن فرقها الطبية اضطرت منذ بدء الحرب على غزة إلى إخلاء 9 منشآت مختلفة للرعاية الصحية في القطاع، بعد تعرضهم لنيران الدبابات والمدفعية والطائرات المقاتلة والقناصة والقوات البرية، أو بعد تلقيهم أوامر إخلاء.

وأشارت إلى أن توفير الرعاية الصحية وتعزيز المساعدات المنقذة للحياة “أصبح مستحيلاً بسبب شدة القصف الإسرائيلي”.

فيما حذَّرت حركة “حماس” في بيان من أن الموجودين في مجمع ناصر “يفتقدون لأدنى مقومات الحياة من الأدوية والمواد الغذائية، ناهيك عن إطلاق النار المباشر على المستشفى، وانتشار القناصة حوله، ما أدى إلى سقوط ضحايا داخله”.

ودعت الحركة الفلسطينية، الأمم المتحدة، وكل الجهات ذات الصلة إلى التحرك الفوري والعاجل لمنع القوات الإسرائيلية من اقتحام المستشفى “تفادياً لمجزرة مروّعة وجريمة ترتكب بحق الأطقم الطبية والنازحين فيه، الذين لا يجدون مكاناً يلتجئون إليه”.

مصير “الشفاء”

وأظهرت لقطات عرضها تلفزيون فلسطين، أسرَّة طبية يعلوها التراب، فيما عمل أطباء وممرضون على نقل مريض رفع سبابته اليمنى، بينما تساقط الغبار من سقف الغرفة.

وأفاد التلفزيون بأن طائرات حربية إسرائيلية نفَّذت غارات على مناطق في جنوب مدينة خان يونس، كما شنت غارات على المناطق الغربية لشمال القطاع.

من جهته، قال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، إن أكثر من 1500 نازح لا يزالون داخل المجمع الطبي، إلى جانب 190 من كوادره الطبية، و299 من أفراد عائلاتهم.

وأضاف القدرة أن “273 مريضاً لا يستطيعون الحركة، و327 مرافقاً لا يزالون موجودين في أقسام المجمع”، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي قصف الأحياء الغربية لمدينة خان يونس، بينما لم تكف المدفعية عن ضرب الأحياء الغربية في شمال القطاع.

وبعد نحو شهرين من قصف الجيش الإسرائيلي لمستشفى الشفاء، تنفّذ إسرائيل الآن في مجمع ناصر الطبي ما أرادته طيلة أشهر بإجبار النازحين على الرحيل عن مستشفيات احتموا بها منذ اندلعت الحرب على القطاع المحاصر في السابع من أكتوبر الماضي.

وفي منتصف ديسمبر الماضي، وبعد أيام من انهيار هدنة قصيرة عاشها القطاع لمدة أسبوع واحد قبل أن تدور عجلة القتال مرة أخرى بوتيرة أشد، اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء التي زعم وجود أنفاق ومراكز قيادة عملياتية لحركة “حماس” أسفلها.

وبعد أكثر من شهرين على استهداف خان يونس، اقتحمت القوات الإسرائيلية المجمع الطبي الذي يحمل اسم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والذي آوى عشرات الآلاف منذ بداية الحرب بعد أن أُُجبر مئات الآلاف على الرحيل جنوباً.

مرحلة رفح

وتضيق الدائرة أكثر فأكثر على مجمع ناصر، بينما يتكدس أكثر من مليون ونصف شخص في أقصى جنوب قطاع غزة يتهددهم وعيد إسرائيلي بمرحلة جديدة من العملية العسكرية التي يحذّر العالم من أنها “قد تأتي بكارثة”.

ولم تحرك إسرائيل قواتها القريبة أصلاً من حدود رفح، لكن رئيس وزرائها ووزير دفاعه ورئيس أركانه أمضوا الساعات الـ24 الماضية في الوعيد بعملية عسكرية لتنفيذ هدف إسرائيل المعلن في القضاء على “حماس”.

وبعد حديث واضح من الرئيس الأميركي جو بايدن، عن خطورة عملية عسكرية قد تقوم بها إسرائيل في رفح، ومطالبته بضمان سلامة المدنيين، قال البنتاجون إن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بحث مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت في اتصال هاتفي أهمية حماية المدنيين وضمان حركة المساعدات الإنسانية قبل تنفيذ أي عملية في رفح.

وأضاف البنتاجون في بيان، أن أوستن استمع من جالانت لمعلومات عن تطور العمليات العسكرية التي تنفذها إسرائيل في خان يونس وسط قطاع غزة.

وفي كندا، بحث رئيس الوزراء جاستن ترودو مع ملك الأردن عبدالله الثاني تطورات الأوضاع في قطاع غزة، إذ حذَّرا من مغبة ما تسعى له إسرائيل في رفح.

وسبقهما الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب أردوغان اللذان التقيا في القاهرة، واتفقا على “ضرورة وقف إطلاق النار في القطاع بشكل فوري وتحقيق التهدئة بالضفة الغربية، حتى يتسنى استئناف عملية السلام في أقرب فرصة، وصولاً إلى إعلان الدولة الفلسطينية ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.

وقال بيان للرئاسة المصرية، إن الجانبين بحثا الأزمة في قطاع غزة، ونقل عن السيسي القول إن ما تمارسه السلطات الإسرائيلية من “تضييق” على دخول المساعدات إلى القطاع يتسبب في دخول الشاحنات بوتيرة بطيئة لا تتناسب مع احتياجات سكانه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *