“رقم صعب” في المعادلة الفلسطينية.. إسرائيل تشدد عزل مروان البرغوثي

“رقم صعب” في المعادلة الفلسطينية.. إسرائيل تشدد عزل مروان البرغوثي

للمرة الثالثة، في غضون الشهور الأربعة الأخيرة، تقوم السلطات الإسرائيلية بإجراءات عقابية ضد الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي (65 عاماً)، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، من نقل وعزل وحرمان من مقابلة محاميه والاتصال بزملائه.

في المرة الأولى، قامت بنقله من سجن عوفر، إلى قسم العزل في سجن الرملة، ومن هناك قامت بنقله إلى قسم العزل في سجن ريمونيم، ومنه عادت، قبل أيام، ونقلته مجدداً إلى قسم العزل في سجن الرملة. وقالت عائلته إن مروان معزول عن باقي زملائه الأسرى، ويحظر عليه القيام بأي اتصال معهم أو مع محاميه.

ويرى كثير من المراقبين في هذا العزل إجراءً سياسياً؛ نظراً للمكانة التي يحتلها مروان في المشهد السياسي الفلسطيني، واعتباره، من قبل الكثيرين، المرشح الأول لتولي قيادة الشعب الفلسطيني بعد الرئيس محمود عباس، في حال تحرره من الأسر.

في صدارة المشهد

منذ اعتقاله في العام 2002، والحكم عليه بالسجن المؤبد 5 مرات، إضافة إلى 25 عاماً، يظهر اسم مروان البرغوثي في المحطات السياسية ذات الطابع التاريخي في فلسطين. ففي المؤتمرات العامة لحركة “فتح” التي تقود السلطة الفلسطينية، يتصدر مروان المشهد بحصوله دائماً على أعلى الأصوات.

وعند أي حديث عن الانتخابات العامة، يتصدر مروان استطلاعات الرأي العام كحصان رابح في أي سباق انتخابي مهما كان المنافس له. وفي كل مرة يجري فيها حديث عن تبادل أسرى مع إسرائيل، يتصدر مروان البرغوثي الأسماء والتوقعات لدوره في قيادة النظام السياسي في حال تحرره من الأسر.

وعاد اسم مروان البرغوثي، مؤخراً، ليتصدر النقاش السياسي الفلسطيني، بعد الإعلان عن “اتفاقية الإطار” لتبادل الأسرى بين حركة “حماس” وإسرائيل، وبدء مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين، في العاصمة المصرية القاهرة.

مروان في قائمة التبادل المحتمل

وعرضت مصر وقطر، برعاية من الولايات المتحدة، “اتفاقية إطار” لتبادل الأسرى بين “حماس” وإسرائيل، في اجتماع عقد مؤخراً في باريس. وتتألف الاتفاقية المقترحة من ثلاث مراحل، يجرى خلالها إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وعددهم 134، على ثلاث دفعات، تتزامن كل واحدة منها مع وقف لإطلاق النار لمدة شهر ونصف الشهر.

وطالبت حركة “حماس” في ورقتها المقدمة لاتفاقية الإطار بإطلاق سراح كل من هم دون سن التاسعة عشرة، ومن هم فوق سن الخمسين من الأسرى الفلسطينيين، في المرحلة الأولى من التبادل، مقابل إطلاق سراح الفئة المماثلة من الرهائن الإسرائيليين. وطالبت أيضاً بإطلاق سراح 1500 أسير إضافي في هذه المرحلة، منهم 500 تسميهم الحركة “من ذوي الأحكام بالسجن مدى الحياة”.

وكشف مسؤول رفيع في حركة “حماس” لـ”الشرق”، أن اسم مروان يتصدر القائمة التي تطالب بها الحركة في المرحلة الأولى من التبادل.

وقال: “لدينا إصرار على إطلاق سراح مروان البرغوثي، وعدد من رفاقه الذين يحتلون مكانة سياسية ووطنية رفيعة، مثل الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، وكوادر حركة حماس، ومنهم عبد الله البرغوثي وإبراهيم حامد وعباس والسيد وحسن سلامة وغيرهم ممن يقضون أحكاماً بالسجن مدى الحياة”.

وأضاف: “مروان البرغوثي اسم مهم جداً في أية عملية تبادل أسرى لأسباب عديدة، فالإفراج عنه يشكل إنجازاً وطنياً في نظر كل الفلسطينيين، نظراً لمكانته الخاصة، وثانياً، يشكل خروجه من الأسر بداية تغيير في النظام السياسي لصالح الشراكة السياسية بين حركتي فتح وحماس، وثالثاً، يشكل خروجه من السجن انتصاراً للحركة التي تشترط إطلاق سراح المحكومين بالسجن مدى الحياة، الذين رفضت إسرائيل إطلاق سراحهم في عملية تبادل الأسرى مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في العام 2011”.

وقال المسؤول في حركة “حماس”: “حتى لو لم يجر إطلاق سراح مروان في المرحلة الأولى من التبادل، فحتماً سيجري إطلاق سراحه في المرحلة الثانية، فلا يمكن إتمام العملية دون إطلاق سراحه هو وزملائه المحكومين بالسجن مدى الحياة”.

حملة إسرائيلية على مروان

وترافقت الأنباء عن تبادل الأسرى، واحتمالية إطلاق سراح مروان، مع تعرضه لإجراءات عزل شديدة، جرى خلالها فصله عن جميع الأسرى، ومنعه من الالتقاء مع محاميه.

وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس لـ”الشرق”، إن السلطات تقوم بنقل مروان البرغوثي من قسم عزل إلى قسم عزل آخر في سجونها.

وجاء عزل البرغوثي بعد تصريحات لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير تفاخر فيها بقدرته على عزله.

وقال قدورة فارس إن الوزير بن جفير “يقوم بملاحقة الأسير القائد مروان البرغوثي في السجون بهدف الاستعراض أمام الرأي العام الإسرائيلي بقدرته على إيذاء قائد من هذا الوزن”.

 وأضاف: “يحتل مروان البرغوثي مكانة رمزية عالية بين الفلسطينيين، ولهذا تقوم السلطات الإسرائيلية بمحاولة المس به بهدف المس بهذه الرمزية الاستثنائية”.

ومضى يقول: “مروان البرغوثي قائد وطني متميز، أمضى حياته في النضال الوطني، وفي السجون الإسرائيلية، وفي الإبعاد عن الوطن، وقد جعلت منه مسيرته النضالية الطويلة قائداً ورمزاً وطنياً استثنائياً يراهن عليه الكثيرون في مواصلة قيادة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال”.

وتشن السلطات الإسرائيلية حملة واسعة ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر في محاولة للانتقام منهم.

وأثارت عمليات نقل وعزل البرغوثي الخشية على حياته.

وقال قدورة فارس، إن “عمليات النقل المتكررة للقائد البرغوثي في العزل الانفرادي في ظل استمرار منع المحامين من زيارته تثير خشية حقيقية على حياته، خاصة أن ذلك يترافق مع عمليات تحريض مباشرة، ومستمرة عليه في وسائل الإعلام الإسرائيلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *