الرئيس السنغالي: قريباً لن يكون هناك جندي فرنسي واحد على أراضينا
أبدى الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي رغبته في إخراج الجنود الفرنسيين من بلاده سريعاً، معتبراً أن هذا الوجود العسكري “لا يتوافق مع مفهومنا للسيادة والاستقلال”، فيما أشاد بـ”العلاقات التاريخية” مع روسيا.
وقال ديوماي فاي في مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، نشرت الخميس، إنه “قريباً لن يكون هناك أي جندي فرنسي في السنغال”، وأضاف أن بلاده لديها “تعاون مع الولايات المتحدة والصين، وحتى مع تركيا، دون أن يكون لهذه الدول قواعد على أراضينا”، ولكنه اعتبر أن العلاقات بين داكار وباريس “لا تزال في حالة جيدة”.
ويتمركز نحو 350 جندياً فرنسياً في السنغال، بينما تخطط فرنسا لخفض عدد جنودها في القارة الإفريقية وسط تراجع كبير للنفوذ الفرنسي.
وتساءل باسيرو ديوماي فاي قائلاً: “كم عدد الجنود السنغاليين الموجودين في فرنسا؟ لماذا ستكون هناك حاجة للجنود الفرنسيين في السنغال؟ لماذا يجب أن يكون الأمر متروكاً لأي شخص فرنسي آخر ليقرر أنه في هذه الدولة المستقلة وذات السيادة، يجب الاحتفاظ بمئة جندي؟”، مشدداً على أن “هذا لا يتوافق مع مفهومنا للسيادة والاستقلال، علينا أن نعكس الأدوار ونرى هل سيقبل الفرنسيون الأمر أم لا”.
وأضاف الرئيس السنغالي: “ليس لدينا قاعدة عسكرية في الخارج، ولذلك فمن الطبيعي ألا نقبل وجود عناصر أجنبية على أراضينا”، مشيراً إلى أن داكار “تعمل على عقيدة للتعاون العسكري ولكن دون تواجد للقوات، سواء روسية أو فرنسية أو أميركية”.
وفي رد على سؤال بشأن ما إذا حدّد موعداً نهائياً لخروج القوات الفرنسية من بلاده، قال فاي: “ليس فوراً، ولكن يجب علينا أن نتحرك نحو هذا الهدف، وسنفعل ذلك بالاحترام اللازم، دون تسرع أو أي ضغوط”.
“خطوة شجاعة من ماكرون.. ولكنها غير كافية”
واستذكر الرئيس السنغالي (44 عاماً) “مذبحة تياروي” التي وقعت عام 1944، عندما قتل جنود فرنسيون المئات من الرماة السنغاليين في ثكنة تياروي، الواقعة على مشارف داكار، بسبب المطالبة بأجورهم.
ويستعد فاي لإحياء الذكرى الثمانين لهذه المذبحة، الأحد.
والخميس بعث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة إلى فاي، أبلغه بأن فرنسا تعترف رسمياً بمسؤوليتها على هذه “المذبحة”، بعدما كانت تتحدث سابقاً عن “تمرد” ثم “قمع دموي”، للرماة السنغاليين الذين كانوا يحاربون من أجل فرنسا.
وهنأ الرئيس السنغالي “الخطوة الشجاعة لماكرون”، و”تسمية الأشياء بأسمائها” في إشارة إلى وصف “المذبحة”، مقدراً أنها “رغبة من السلطات الفرنسية للتعاون من أجل إظهار الحقيقة”. ولكن فاي اعتبر أن “هذا لا يزال غير كاف”.
ودعا فاي العديد من الزعماء الأفارقة للمشاركة في إحياء ذكرى “مذبحة تياروي”، وقال إن “هذه المأساة هي مأساة كل الأفارقة”، وتهدف لتسليط الضوء على حقبة من تاريخ السنغال.
إعادة التوازن للعلاقة الفرنسية السنغالية
ومنذ انتخاب فاي رئيساً للسنغال في أبريل الماضي، توقع العديد من المحللين أن تشهد العلاقات مع فرنسا بعض التوتر، حتى أن رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو، انتقد دعم ماكرون للرئيس السابق ماكي سال خلال “قمع التظاهرات” التي خرجت دعماً لفاي وحزبه، بين عامي 2021 و2024.
وقال فاي لـ”لوموند”: “تظل فرنسا شريكاً مهماً نظراً لتاريخ ومستوى استثماراتها في السنغال، ولكننا بحاجة إلى إعادة التوازن إلى هذه العلاقة”.
وشدد على أن “السنغال ليست حكراً على أي قوة أجنبية، إنها الآن دولة منفتحة على كافة الشراكات وتتمتع بموقف الحياد”، مضيفاً أن هذه السياسة لا تستهدف “دولة معينة”، ولكن “أولئك الذين يرفضون التكيف، سيشاهدون دولاً أخرى تسبقهم”.
وتحدث فاي عن العلاقات السنغالية الروسية، وتواصله مؤخراً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتبراً أن لبلاده “تعاون تاريخي مع روسيا”، مضيفاً: “ما يهمنا هو أن يحترموا سيادتنا ومعاييرنا الاجتماعية”.